عبد الرحمن بن عوف
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفِ بنِ عَبْدِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ
أَحَدُ العَشْرَةِ، وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى، وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ، القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ,وأما عبد الرحمن بن عوف الذي كان يسمى قبل إسلامه"عبد عمرو, أو عبد الكعبة" فسماه رسول الله "عبد الرحمن", وأمه هي الشفاء بنت عوف أسلمت وهاجرت وقد أسلم عبد الرحمن وهو من الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام ثم هاجر إلى الحبشة وإلى المدينة. إنه من العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أهل الشورى. ولقد آخى الرسول بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري بعد الهجرة إلى المدينة .
أُصِيْبَ يَوْمَ أُحُدٍ فُهُتِمَ، وَجُرِحَ عِشْرِيْنَ جِرَاحَةً، بَعْضُهَا فِي رِجْلِهِ فَعَرَجَ.
كان عبد الرحمن بن عوف من المسلمين الذين هاجروا الى الحبشة ثم هاجر الى المدينة
عن إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، قال :
كُنَّا نَسِيْرُ مَعَ عُثْمَانَ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ، إِذْ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا يَسْتَطِيْعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْتَدَّ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ فَضْلاً فِي الهِجْرَتَيْنِ جَمِيْعاً.
وَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ كَانَ فَقِيْراً لاَ شَيْءَ لَهُ، فَآخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، أَحَدِ النُّقَبَاءِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَاطِرَهُ نِعْمَتَهُ، وَأَنْ يُطَلِّقَ لَهُ أَحْسَنَ زَوْجَتَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى السُّوْقِ، فَذَهَبَ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى، وَرَبِحَ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ صَارَ مَعَهُ دَرَاهِمَ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى زِنَةٍ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَأَى عَلَيْهِ أَثَراً مِنْ صُفْرَةٍ: (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ). ..و قد نما ماله و كثر و ربحت تجارته
صلاة النبي عليه السلام خلفه
كان عبد الرحمن بن عوف يصلي بالناس فأقبل رسول الله في إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الأولى فأكثر الناس التسبيح حتى ينتبه عبد الرحمن أن الرسول يصلي خلفه .
شهادة رسول الله عليه السلام له
لقد شهد له رسول الله بالجنة وهو من أهل بدر الذين قيل لهم:((اعملوا ما شئتم فإنه مغفور لكم)) وقد حفظهم الله تعالى . وهو أيضاً من الذين بايعوا النبي تحت الشجرة في غزوة الحديبية .
قال تعالى:((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريباً)) [الفتح : 18]
كثرة ماله
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟
قِيْلَ: بِلاَلٌ
إِلَى أَنْ قَالَ: فَاسْتَبْطَأْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ الإِيَاسِ.
فَقُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ؟
فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَا خَلَصْتُ إِلَيْكَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي لاَ أَنْظُرُ إِلَيْكَ أَبَداً.
قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَ: مِنْ كَثْرَةِ مَالِي أُحَاسَبُ وَأُمَحَّصُ.
عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَا ابْنَ عَوْفٍ! إِنَّكَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ، وَلنْ تَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ زَحْفاً، فَأَقْرِضِ اللهَ -تَعَالَى- يُطْلِقْ لَكَ قَدَمَيْكَ).
قَالَ: فَمَا أُقْرِضُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: (أَتَانِي جِبْرِيْلُ، فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُضِفِ الضَّيْفَ، وَلْيُعْطِ فِي النَّائِبَةِ، وَلْيُطْعِمِ المِسْكِيْنَ).
خوفه من كثرة المال
كَثُرَ مَال عبد الرحمن بن عوف حَتَّى قَدِمَتْ لَهُ سَبْعُ مَائَةِ رَاحِلَةٍ تَحْمِلُ البُرَّ وَالدَّقِيْقَ وَالطَّعَامَ، فَلَمَّا دَخَلَتْ سُمِعَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ رَجَّةٌ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (عَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ حَبْواً).
فَلَمَّا بَلَغَهُ، قَالَ: يَا أُمَّهْ! إِنِّي أُشْهِدُكِ أَنَّهَا بِأَحْمَالِهَا وَأَحْلاَسِهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
وَفِي لَفْظِ أَحْمَدَ، فَقَالَتْ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (قَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَدْخُلُ الجَنَّةَ حَبْواً).
فَقَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتُ لأَدْخُلَنَّهَا قَائِماً، فَجَعَلَهَا بِأَقْتَابِهَا وَأَحْمَالِهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.
دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ:
يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَكُوْنَ قَدْ هَلَكْتُ، إِنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالاً، بِعْتُ أَرْضاً لِي بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ دِيْنَار.
قَالَتْ: يَا بُنَيَّ! أَنْفِقْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَنْ يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ).
فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَتَاهَا، فَقَالَ: بِاللهِ أَنَا مِنْهُم.
قَالَتْ: اللَّهُمَّ لاَ، وَلَنْ أُبْرِئَ أَحَداً بَعْدَكَ.
عَنْ طَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ، قَالَ:
كَانَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عِيَالاً عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ: ثُلُثٌ يُقْرِضُهُمْ مَالَهُ، وَثُلُثٌ يَقْضِي دَيْنَهُمْ.
عبد الرحمن بن عوف والإنفاق في سبيل الله
يقول تعالى:((لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)) [ آل عمران : 92] . وقد قيل عنه:((إنه كان يسدد عن المدين دينه ويقرض الناس أيضاً ويصبر عليهم)). كانت هذه الآية الجليلة نصب عينيه دائماً فها هو يتصدق بنصف ماله ثم يتبع ذلك بأن يتصدق بأربعين ألف دينار ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة كما أنه كان يعتق العبيد ابتغاء مرضاة الله حتى قيل إنه أعتق في يوم واحد ثلاثين عبداً .
زهده
روي أنه كان ذات يوم صائماً فلما حضر الطعام إليه بكى وقال:((قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني وكفن في بردة أن هي غطت رأسه بدت قدماه, وقتل حمزة وهو خير مني, ولكنا أُعطينا من الدنيا ما أُعطينا وما أخشاه حقاً أن تكون حسناتنا قد عُجِّلت لنا وظل يبكي حتى ترك الطعام)) .كان زاهداً فقد أوصى عثمان بالعهد والخلافة له من بعده فقام في الناس وأخذ يدعو الله أن يقبضه إليه قبل أن يتم هذا الأمر له فلم تمضِ إلا ستة أشهر حتى قبضه الله إليه .
الشورى
كان عبد الرحمن بن عوف من الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة لهم من بعده قائلا لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض )
وَمِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَزْلُهُ نَفْسَهُ مِنَ الأَمْرِ وَقْتَ الشُّورَى، وَاخْتِيَارُهُ لِلأُمَّةِ مَنْ أَشَارَ بِهِ أَهْلُ الحِلِّ وَالعَقْدِ، فَنَهَضَ فِي ذَلِكَ أَتَمَّ نُهُوضٍ عَلَى جَمْعِ الأُمَّةِ عَلَى عُثْمَانَ، وَلَوْ كَانَ مُحَابِياً فِيْهَا لأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ لَوَلاَّهَا ابْنَ عَمِّهِ، وَأَقْرَبَ الجَمَاعَةِ إِلَيْهِ، سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ.
عَنْ سَعِيْدٍ: أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَجُلاً وَهُوَ قَائِمٌ يَخْطُبُ: أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ إِلَى أَمْرِ النَّاسِ، أَيِ ادْعُ إِلَى نَفْسِكَ.
فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! إِنَّهُ لَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ بَعْدَ عُمَرَ إِلاَّ لاَمَهُ النَّاسُ.
و لقد قال فى ذلك ( وَاللهِ لأَنْ تُؤخَذُ مِدْيَةٌ، فَتُوْضَعُ فِي حَلْقِي، ثُمَّ يُنْفَذُ بِهَا إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ ).
وروى أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى رُعَافاً، فَدَعَا حُمْرَانَ، فَقَالَ:
اكْتُبْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ العَهْدَ مِنْ بَعْدِي.
فَكَتَبَ لَهُ، وَانْطَلَقَ حُمْرَانُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: البُشْرَى!
قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ كَتَبَ لَكَ العَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ.
فَقَامَ بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ، فَدَعَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مِنْ تَوْلِيَةِ عُثْمَانَ إِيَّايَ هَذَا الأَمْرَ فَأَمِتْنِي قَبْلَهُ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ
رعايته لأمهات المؤمنين
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِي).
فَأَوْصَى لَهُنَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِحَدِيْقَةٍ قُوِّمَتْ بِأَرْبَعِ مَائَةِ أَلْفٍ.
و روى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَاعَ أَرْضاً لَهُ مِنْ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، فَقَسَمَهُ فِي فُقَرَاءِ بَنِي زُهْرَةَ، وَفِي المُهَاجِرِيْنَ، وَأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ المِسْوَرُ: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ بِنَصِيْبَهَا، فَقَالَتْ: مَنْ أَرْسَلَ بِهَذَا؟
قُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
قَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ يَحْنُو عَلَيْكُنَّ بَعْدِي إِلاَّ الصَّابِرُوْنَ)، سَقَى اللهُ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيْلِ الجَنَّةِ.
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
جَمَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: (سَيَحْفَظُنِي فِيْكُنَّ الصَّابِرُوْنَ الصَّادِقُوْنَ).
تواضعه
ورغم ثرائه إلا أنه كان متواضعاً وزاهداً فكان يمشي بين مماليكه فلا يعرف أنه بينهم من شدة تقشفه وتواضعه. قال رسول الله في تواضع من كان في ثراء عبد الرحمن:((مَن ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حُلَلِ الإيمان شاء يلبسها)) "رواه الترمذي"
و قد كان رضى الله عنه لين الجانب حلو المعشر
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ بَيْنَ خَالِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ شَيْءٌ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَعُوا لِي أَصْحَابِي، أَوْ أُصَيْحَابِي، فَإِنَّ أَحَدَكُم لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحِدٍ ذَهَباً لَمْ يُدْرِكْ مُدَّ أَحَدِهِم وَلاَ نَصِيْفَهُ).
شَكَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ خَالِداً إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ: (يَا خَالِدُ! لاَ تُؤْذِ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً لَمْ تُدْرِكْ عَمَلَهُ).
قَالَ: يَقَعُوْنَ فِيَّ، فَأَرُدُّ عَلَيْهِم.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ تُؤْذُوا خَالِداً، فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوْفِ اللهِ، صَبَّهُ اللهُ عَلَى الكُفَّارِ).
روى انه كَانَ بَيْنَ طَلْحَةَ وَابنِ عَوْفٍ تَبَاعُدٌ، فَمَرِضَ طَلْحَةُ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعُوْدُهُ.
فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنْتَ -وَاللهِ- يَا أَخِي خَيْرٌ مِنِّي.
قَالَ: لاَ تَفْعَلْ يَا أَخِي!
قَالَ: بَلَى -وَاللهِ- لأَنَّكَ لَوْ مَرِضْتَ مَا عُدْتُكَ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُجَمِّعٍ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ لأُمِّ كُلْثُوْمٍ بِنْتِ عُقْبَةَ، امْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ:
أَقَالَ لَكِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (انْكِحِيْ سَيِّدَ المُسْلِمِيْنَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ؟).
قَالَتْ: نَعْم.
وقد كان رضى الله عنه متواضعا زاهدا فى الدنيا
عَنْ سَعْدِ بنِ الحَسَنِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ لاَ يُعْرَفُ مِنْ بَيْنِ عَبِيْدِهِ.
و روى أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى رَهْطاً فِيْهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، فَلَمْ يُعْطِهِ، فَخَرَجَ يَبْكِي.
فَلَقِيَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ؟
فَذَكَرَ لَهُ، وَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُوْنَ مَنَعَهُ مَوْجِدَةٌ وَجَدَهَا عَلَيَّ.
فَأَبْلَغَ عُمَرُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (لَكِنِّي وَكَلْتُهُ إِلَى إِيْمَانِهِ).
وفاته
توفى رضى الله عنه في العام الثاني والثلاثين للهجرة - وأرادت أم المؤمنين أن تخُصَّه بشرف لم تخصّ به سواه ، فعرضت عليه أن يُدفن في حجرتها الى جوار الرسول وأبي بكر وعمر ، لكنه استحى أن يرفع نفسه الى هذا الجوار ، وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات بعد الآخر يدفن الى جوار صاحبه
وقد كان يقول إني أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال )
غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ فِي وَجَعِهِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ فَاضَتْ نَفْسُهُ، حَتَّى قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ وَجَلَّلُوْهُ، فَأَفَاقَ يُكَبِّرُ، فَكَبَّرَ أَهْلَ البَيْتِ، ثُمَّ قَالَ لَهُم: غُشِيَ عَلَيَّ آنِفاً؟
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: صَدَقْتُم! انْطَلَقَ بِي فِي غَشْيَتِي رَجُلاَنِ، أَجِدُ فِيْهِمَا شِدَّةً وَفَظَاظَةً، فَقَالاَ:
انْطَلِقْ نُحَاكِمْكَ إِلَى العَزِيْزِ الأَمِيْنِ، فَانْطَلَقَا بِي حَتَّى لَقِيَا رَجُلاً.
قَالَ: أَيْنَ تَذْهَبَانِ بِهَذَا؟
قَالاَ: نُحَاكِمُهُ إِلَى العَزِيْزِ الأَمِيْنِ.
فَقَالَ: ارْجِعَا، فَإِنَّهُ مِنَ الَّذِيْنَ كَتَبَ اللهُ لَهُمُ السَّعَادَةَ وَالمَغْفِرَةَ وَهُمْ فِي بُطُوْنِ أُمَّهَاتِهِم، وَإِنَّهُ سَيُمَتَّعُ بِهِ بَنُوْهُ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ، فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْراً.
***رضي الله عن عبد الرحمن بن عوف وعن صحابة رسول الله وعن التابعين***