عبد الله بن عمر بن الخطاب 

(الإمام الفقيه)


إنه عبد الله بن عمر بن الخطاب ووالده هو أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين والخليفة العادل الزاهد. لقد أسلم وهو صغير لم يبلغ الحلم بعد وهاجر مثل أبيه الفاروق عمر إلى المدينة المنورة .


اشتراكه في الغزوات


بدأت مشاركته الفعلية في الغزوات حين بلغ الخامسة عشرة فاشترك في غزوة الخندق ثم شهد الغزوات مع الرسول , ثم شارك في موقعة اليرموك وفتح مصر وإفريقية .


عبد الله بن عمر راوي الأحاديث الشريفة


وهو من رواة الأحاديث عن النبي , وكان يتبع آثار النبي في كل مكان صلى فيه حتى إن النبي نزل تحت شجرة فكان ابن عمر ينزل عندها دوماً, وقالوا عنه:((إنه كان إذا سمع من رسول الله حديثاً لا يزيد عليه ولا ينقص منه)) كان يدعوا في الصفا والمروة فيقول:((اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ويحب رسلك ويحب عبادك الصالحين اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وإلى رسلك وإلى عبادك الصالحين)) .


قيامه الليل


قيام الليل يحدثنا ابن عمر -رضي الله عنهما-: { رأيت على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كأن بيدي قطعة إستبرق، وكأنني لا أريد مكانا من الجنة إلا طارت بي إليه، ورأيت كأن اثنين أتياني وأرادا أن يذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، فإذا لها قرنان كقرني البئر، فرأيت فيها ناساً قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار }.

فلقينا ملك فقال: { لا تُرَع }.

فخليا عني، فقصت حفصة أختي على النبي -صلى الله عليه سلم- رؤياي فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: { نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل فيكثر }.ومنذ ذلك اليوم الى أن لقي ربه لم يدع قيام الليل في حلِّه أو ترحاله.


صلاته


روي أنه كان شديد الخشية لله جل جلاله شديد المراقبة له في السر والعلن وكان يبكي خوفاً وخشوعاً لله تعالى .


خشيته لله جل علاه


وعن نافع قال:((كان عبد الله بن عمر إذا قرأ قوله تعالى "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق" يبكي حتى يغلبه البكاء)) .


تواضع عبد الله وورعه


وقد كان عبد الله بن عمر متواضعاً وورعاً قال له رجل ذات يوم:((يا خير الناس أو يا ابن خير الناس)) فقال:((ما أنا بخير الناس ولا ابن خير الناس, ولكني عبد من عباد الله أرجو الله وأخافه والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه)) .


أمنيته هي المغفرة


كان مع أصحابه مصعب وعروة وعبد الله بن الزبير فقال كل واحد منهم ما يتمناه .

فقال عبد الله بن الزبير:((إنني أتمنى الخلافة))

وقال عروة:((أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم))

وقال مصعب:((أما أنا فأتمنى إمارة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين))"أي يتزوج الاثنتين"

وقال ابن عمر:((أما أنا فأتمنى المغفرة))


إنفاقه في الخير


قيل إنه أعتق ألف إنسان أو زاد, وعن صلاحه وعتقه روى نافع فقال:((كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه عز وجل)) وقد كان رقيقه عرفوا عنه خوفه من ربه وحبه لمن يقيم شعائر ربه فكان من يريد منهم أن يعتقه ابن عمر لزم المسجد وأخذ يصلي فإذا رآه ابن عمر على هذه الحالة الحسنة أعتقه, فيقول له أصحابه:((يا ابن عمر والله إنهم يخدعونك)) فيقول ابن عمر :((فمن خدعنا بالله انخدعنا به)) .


حبيب الفقراء


وقد أحبه الفقراء لجوده وكرمه وحنانه وعطفه عليهم فكان يطعمهم ويعطيهم ويوسع عليهم من فضل الله عليه .


علمه وحكمته


كتب رجل إليه ذات يوم يطلب إليه العلم كله فقال له:((إن العلم كثير ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس خميص"خالي" البطن من أموالهم كاف اللسان عن أعراضهم ملازماً لأمر جماعتهم فافعل)) .


الراعي وابن عمر


يروى أن ابن عمر خرج ومعه عبد الله بن دينار إلى مكة فوجدا راعياً صغيراً يرعى الغنم فأراد عبد الله بن عمر أن يختبر أمانته فقال له:((بعني شاة من الغنم)) فقال الراعي:((إنني عبد مملوك وهذه الشياه ليست لي ولا أملك حق بيعها أو التصرف فيها)) فقال له ابن عمر:((قل لسيدك قد أكلها الذئب)) فقال الراعي:((أليس الله بشاهد كيف أخون الأمانة وأبيعها لك أين الله يا سيدي؟)) فقال عبد الله بن عمر:((فأين الله؟)) ثم بكى واشترى الغلام وأعتقه ثم اشترى له الغنم ووهبها له .

ولقد عرضوا عليه إمارة المسلمين أكثر من مرة ولكنه رفض. كان عبد الله بن عمر حريصاً على جمع كلمة المسلمين رغم أنهم عرضوا عليه الخلافة فرفضها. وليس ذلك فحسب فإنه كان يريد أن يحيا لعلمه فقد عرض عليه أمير المؤمنين عثمان بن عفان القضاء فأبى .


***رضي الله عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعن صحابة رسول الله وعن التابعين***