1- ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻫﻞ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﺍﻟﺸﻔﺎﻩ ﻳﺤﺴﺐ ﻭﻳﻜﺘﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺠﻞ ﻟﻨﺎ ﺣﺴﻨﺎﺗﻨﺎ؟ﺍﻡ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺩئماً ﺗﺤﺮﻳﻚ ﺍﻟﺸﻔﺎﻩ؟
الجواب :
الذكر نوعان .ذكر في العبادات وهذا لا بد من تحريك اللسان وليس الشفاه لأنه آلة النطق وعند البعض من الاحناف والجمهور لا بد من إسماع نفسه وهذا في الصلاة والا فالصلاة باطلة.
والذكر القلبي لقول الله :(واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول)
وقوله (وأذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا)
ولقوله صلى الله عليه وسلم ( خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي).
وهذا الذكر يكون في القلب والله يقول (إن تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات والارض).وهذا لا إلى سماع نفس .وفصل القاضي عياض وبين أن الخلاف في الأذكار التي تكون باللسان مثل التسبيح وهذا آلته اللسان.
قال القاضي عياض (ذِكْر بِالْقَلْبِ ، وَذِكْر بِاللِّسَانِ ، وَذِكْر الْقَلْب نَوْعَانِ . أَحَدهمَا : وَهُوَ أَرْفَع الْأَذْكَار وَأَجَلّهَا الْفِكْر فِي عَظَمَة اللَّه تَعَالَى وَجَلَاله وَجَبَرُوته وَمَلَكُوته وَآيَاته فِي سَمَاوَاته وَأَرْضِهِ ، وَمِنْهُ الْحَدِيث : " خَيْر الذِّكْر الْخَفِيّ " وَالْمُرَاد بِهِ هَذَا .
وَالثَّانِي : ذِكْره بِالْقَلْبِ عِنْد الْأَمْر وَالنَّهْي ، فَيَمْتَثِل مَا أُمِرَ بِهِ وَيَتْرُك مَا نُهِيَ عَنْهُ ، وَيَقِف عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِ . وَأَمَّا ذِكْر اللِّسَان مُجَرَّدًا فَهُوَ أَضْعَف الْأَذْكَار ، وَلَكِنْ فِيهِ فَضْل عَظِيم كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيث ،
قَالَ : وَذَكَرَ اِبْن جَرِير الطَّبَرِيُّ وَغَيْره اِخْتِلَاف السَّلَف فِي ذِكْر الْقَلْب وَاللِّسَان أَيّهمَا أَفْضَل ؟
قَالَ الْقَاضِي : وَالْخِلَاف عِنْدِي إِنَّمَا يُتَصَوَّر فِي مُجَرَّد ذِكْر الْقَلْب تَسْبِيحًا وَتَهْلِيلًا وَشِبْههمَا ، وَعَلَيْهِ يَدُلّ كَلَامهمْ لَا أَنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الذِّكْر الْخَفِيّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ، وَإِلَّا فَذَلِكَ يُقَارِبهُ ذِكْر اللِّسَان ، فَكَيْف يُفَاضِلهُ ،
وَإِنَّمَا الْخِلَاف ذِكْر الْقَلْب بِالتَّسْبِيحِ الْمُجَرَّد وَنَحْوه ، وَالْمُرَاد بِذِكْرِ اللِّسَان مَعَ حُضُور الْقَلْب ، فَإِنْ كَانَ لَاهِيًا فَلَا ، وَاحْتَجَّ مَنْ رَجَّحَ ذِكْر الْقَلْب بِأَنَّ عَمَل السِّرّ أَفْضَل ، وَمَنْ رَجَّحَ اللِّسَان قَالَ : لِأَنَّ الْعَمَل فِيهِ أَكْثَر ، فَإِنْ زَادَ بِاسْتِعْمَالِ اللِّسَان اِقْتَضَى زِيَادَة أَجْر ،
قَالَ الْقَاضِي : وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَكْتُب الْمَلَائِكَة ذِكْر الْقَلْب ؟ فَقِيلَ : تَكْتُبهُ وَيَجْعَل اللَّه تَعَالَى لَهُمْ عَلَامَة يَعْرِفُونَهُ بِهَا ،
وَقِيلَ : لَا يَكْتُبُونَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ غَيْر اللَّه ، قُلْت : الصَّحِيح أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَهُ ، وَأَنَّ ذِكْر اللِّسَان مَعَ حُضُور الْقَلْب أَفْضَل مِنْ الْقَلْب وَحْده . شرح صحيح مسلم لنووي
ذاكر القلب لا تطلع الملائكة على ذكره ولكن تخرج منه رائحة طيبة كما نشم رائحة الياسمين ولا نسمعها ولا نراها فتكتب الملائكة والله يوفي الاجر .
والله أعلم.
الشيخ منصور بنوت