1-السؤال :سمعت البارحة ان اهل السنة تقول عن رسول الله انه يهزي حين وفاته.وبحسب قولهم هذا موثق بصحيح بخاري ومسلم.ما حكم هذا القول؟
الجواب:
لقد ترددت كثيرا قبل الرد على هذا السؤال ولكن الموضوع يثار وعلينا أن نجاوب والا نكون ممن يكتم العلم.
عن ابن عباس قال « لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط قال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع فخرج ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه» رواه (البخاري1/54 حديث رقم114).
وهذا الحديث من الشبهات المثارة ضد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ويؤولون كلمته (غلبه الوجع انه عنى بذلك أنه يهذي).
وإنما كان حقيقة قول سيدنا عمر: أننا الآن نكتفي بكتاب الله انتظارا لعافية النبي من الوجع الغالب عليه. ولكن أنى لهم إحسان الظن بسيدنا عمر الذي أحسن به سيدنا علي الظن فبايعه وسمى ولده باسمه وزوجه ابنته.واولاده سموا ابناءهم باسمه .
فجل ما في الأمر أنه اجتهاد حسن من سيدنا عمر أقره عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد قال عليه الصلاة والسلام « قوموا عني ولا ينبغي عند نبي تنازع». وهو لم يقل لعمر (قم عني ولا ينبغي أن تقول هذا لنبي). مما يؤكد أنه لم ير في قول عمر ما ينافي الأدب معه. وإنما أمرهم أن يقوموا عنه جميعهم بمن فيهم الذين أمروا بكتابة الكتاب بسبب نزاعهم وخصومهم.
والنبي قد لا يقر بعض مواقف الصحابة التي يجتهدون فيها.
فإنه لم يقر اجتهاد سيدنا علي يوم صلح الحديبية حين امتنع عن مسح كلمة (رسول الله) حتى قام النبي نفسه بمسحها.وكيف هناك يمتنع وهنا يرضى ان لا تكتب الوصية التي امر الله بها نبيه.
العجيب يأخذون بالرواية التي يريدونها من البخاري ومسلم ويتركون ما لا تتناسب مع هواهم وقد وردت أحاديث تؤكد أن الوصية كانت لأبي بكر. منها ما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم «أراد الوصية لأبي بكر. فعن عائشة قالت « قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (رواه مسلم رقم2387).
وكذلك قول النبي في آخر حياته للمرأة التي جاءته تسأله حاجة قبيل موته بيومين وقالت له: « أرأيت أذا جئت ولم أجدك؟» كأنها تعني الموت، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام «إن لم تجديني فأت أبا بكر» (البخاري3659).
وحديث السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ لَمَّا: ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِلَالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى مَا يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ قَالَ إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَلَمَّا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً فَقَامَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ يَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ [ ص: 252 ] إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَاعِدًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مُقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وفي الحديث الصحيح أن عليا رضي الله عنه كان يقول على منبر الكوفة: لا أسمع أحدا يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفترين، وهذا من حبه وتقديره ومعرفة الفضل لأهله فقد كان قريبا من الرسول ومن أبي بكر وعمر فهو يعرف مدى العلاقة القوية بين الرسول وصاحبيه ومكانة الشيخين في الإسلام، فهل يظن أن عليا يقول ذلك من باب المجاملة أو الخوف حاشاه رضي الله عنه.. فهو القائل لما بايع أبا بكر على الخلافة: لقد ارتضاه رسول الله لديننا ألا نرضاه لدنيانا؟! .
فالذين لطالما اتهموا سيدنا عمر رضي الله عنه أنه وصف النبي بكلمته غلبه الوجع انه يهذي وينسون ما رووه في أهم كتبهم أن النبي كان في مرض موته لا يفرق بين أقرب المقربين له. فيقف الحسن والحسين أمامه ويمسكا بيده فلا يعرفهما من شدة المرض. حتى اضطر أن يسأل عليا رضي الله عنه يا علي من هما هذان؟
هذه الرواية لا لبس بها باتهام النبي صلى الله عليه وسلم بذهاب العقل .
إليكم الرواية:
محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال: حدثنا محمد ابن حمدان الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن مسلمة الواسطي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي عن ابن عباس:
« ثم أغمي على رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل بلال وهو يقول: الصلاة رحمك الله، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وصلى بالناس، وخفف الصلاة. ثم قال: ادعوا لي علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد، فجاءا فوضع صلى الله عليه وآله يده على عاتق علي عليه السلام، والاخرى على أسامة ثم قال: إنطلقا بي إلى فاطمة. فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها، فإذا الحسن والحسين عليهما السلام يبكيان ويصطرخان وهما يقولان: أنفسنا لنفسك الفداء، ووجوهنا لوجهك الوقاء. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من هذان يا علي؟ قال: هذان ابناك الحسن والحسين. فعانقهما وقبلهما» (الأمالي للصدوق 732-735 بحار الأنوار للمجلسي22/510 والفتال النيسابوري في روضة الواعظين ص74 واختارت لجنة حديثية علمية متخصصة في معهد باقر العلوم انتخاب هذه الرواية من ضمن كلمات الحسين وضمن كتاب : كلمات الإمام الحسين ص98 دار المعروف بطهران).
أين كلمة( غلبه الوجع ) من كلمة الخميني: إن رسول الله قد فشل في تربية أصحابه؟ (خطاب ألقاه في إذاعة طهران بمناسبة مولد الرضا 15 شعبان1400).
والله اعلم
الشيخ منصور بنوت